(Archived - August 15 , 2009 )


كان يواسيني عندما سألته شاكية باكية : لماذا أحيا ؟ لما العناء؟ ، فقال لى "هل تعلمين، انا اراك ك
قطرة من المحيط ، غادرتى الماء بعض الوقت ، ، لتشاهدى الشمس تشرق، و تسمعى طفل يضحك ، وتراقبين زنبق ينمو واطيار تهاجر، لتشعرى بقلب يخفق لأجلك ، وبشفاه تقبل جبينك ...تركتى المحيط لتستكشفى الحياة اياما معدودة ،لكن احيانا عندما تنظرين لحالك وترين ضعفك و وحدتك قد تشعرين الضايع والألم .. حينها تذكرى كل شئ، الشمس والطفل والقبلة والمحيط الذى سيناديك لتعودى بعد حين .. هكذا يجب ان ترى نقسك "قال هذه الكلمات دون ان يدرى انه وهب معنى ولو صغير للحياة التى كنت دائما لا اجد لها اى معنى.

Friday, August 1, 2008

ســــــدة نفــــــس


(اى حد نفسه مفتوحة مايقرأش البوست ده)

يسكن الهواء تماما ويقل الاكسجين فى صالة المنزل (مكان نومى الصيفى) فأفهم دون وعى ان "ماما" قد اطفأت المروحة حتى لا اصاب بالبرد، رغم ان درجة الحرارة تكفى لسلق البشر احياء ! فأفتح عينا واحدة لأنظر إلى الساعة ولكن "ستو" تلاحظ حركتى فتقول "اصحى كفايكى ، الساعة بقت واحدة" جدتى دائما تبالغ فى الوقت لتجبرنى على الاستيقاظ (يعنى الساعة تبقى حداشر مش واحدة) ولعلمى بالحيلة احاول ان اعود للنوم لكن امى تفشل محاولاتى دائما "يللا الحقى افطرى معانا" ثم الجدة من جديد "دى الشمس ماتطلعش غير على الاموات" فارد عليها ساخرة "اموات ولا احياء ، الشكليات دى مبقتش تفرق اليومين دول" اجد ان امتزاج صوتى الناعس مع صوت الاخبار فى قناة الجزيرة يجعل كلماتى النائمة الساذجة اقوالا حكيمة، فالخط الفاصل بين حياة الانسان وموته يتضائل حتى صار لا يرى ، قناة الجزيرة تظل مفتوحة فى منزلنا طوال اليوم ـ يفتحها ابى مبكرا ثم يتركها ويذهب إلى العمل وتظل هكذا إلا اذا شعرت جدتى بالملل فاخذت تسب هذه القناة "اللى كلها مصايب" وتقول بثقة غاضبة ان رئتيها لا يتحملان رائحة الدخان والحرائق والقتلى المنبعثة منها ! حاولت مرارا ان اقنعها بأن الروائح لا تتسلل ابدا من التلفاز ولكن عقلها المسن المحدود يأبى الاقتناع ، بل اخشى اننى انا من تأثر بها ! فصارت رائحة الموت وكآبته تتسل إلى نفسى كلما سمعت الاخبار ، بل صرت اشم للظلم رائحة وصار للقهر والفقر والفساد والاكاذيب روائح ! تمتزج هذه الروائح برائحة فول المطعم والطعمية البيتى التى تصنعها امى فيفقد كل شئ مذاقه ، اتناول فطورى على مضض وانهيه بسرعة لاتلقى نصيبى من صياح امى وهى تصنع سندوتشا اضافيا "هما دول اللقمتين اللى اكلتيهم ، مانتو لما بتعيوا انا اللى بتعب عليكم، كلى" وتدفع لي بالسندوتش فااقاوم قليلا "ياماما نفسى مسدودة بقى" ولكن على من ! فطاقة الامومة لدى تلك السيدة عندما تنفجر فى وجه احدهم لا تجدى معها اى مقاومة .دقائق واجد نفسى اضغط على الباور واجلس لا اراديا امام الكومبيوتر ، عندما تضئ الشاشة استوعب حينها فقط ان يومى قد بدأ ! وكالعادة لا استقبله بفتح نوافذى بسعادة كما تفعل الفتيات العاشقات فى الافلام ، بل ان يومى هو الذى يسحبنى عنوة لاستقباله وتمضيته ..وفى العادة لا يكون لدى اى خطط سوى هذا المقعد والكيبورد ، اجلس استمع إلى اصالة او منير و اشاكس الاصدقاء و اتصفح مواقع عشوائية فى حذر تلقائى شديد ، فالممنوعات كثيرة للغاية ، لا اقصد بها المواقع الاباحية ولا مواقع الفضائح والتفاهات ، بل الممنوع هو مواقع الفكر الحر ومناقشات الاديان وكتابات نوال السعداوى واراء جمال البنا وغير ذلك ، لم توضع لى لائحة الممنوعات بصورة صريحة بل استنتجتها انا من المحاضرات التأديبية التى اتلقهامن ابى كلما ضبطنى على هذه المواقع المشبوهة التى تستغل جهل الشباب بأمور دينهم فتخدعهم ! "عزيزى ابنتك لادينية ، منطقنا مختلف تماما ، ارجوا ان تتفهم ذلك " كم اتخيل نفسى اقول هذه الكلمات لابى وانا ابتسم بهدوء فيصمت قليلا ثم يقول لى "حسنا ، لن اتدخل فى اختياراتك" تماما مثلما اعلنت ريجينا شذوذها فى مسلسل اوت اوف براكتس (دى دعابة عشان الناس اللى بتتلكك) على اى حال الضريبة التى تدفعها اذا كنت ليبراليا صغيرا فى اسرة من السلفيين الكبار واشباه السلفيين ليست ضريبة هينة ولا تنحصر فقط فى الحذر الشديد فى حديثك واخفاء ماتقرأه كلما شعرت باقدام تقترب ولا ان تكتب بالابيض على خلفية بيضاء مثلما افعل الآن بل الامر يتجاوز ذلك إلى احاسيس سخيفة بالغربة والنبذ وعدم التقبل والهروب الدائم الذى لا تبدو له نهاية حتى صرت اهرب من ذاتى احيانا وارغب عن كل الاشياء التى ارغب فيها و تثير اهتمامى دائما ، اجلس طوال الوقت على الانترنت غارقة فى الاشياء الحمقاء الممللة وكلما حدثتنى نفسى ان ازور ذلك المنتدى او هذه المدونة او حتى مدونتى اشعر بسدة النفس من جديد فاعود إلى الاشياء الحمقاء ، لا يقطع جلوسى المتواصل سوى نداء جدتى او الهاتف او الباب .. عادة لا يطرق بابنا سوى صغيران ، طفل وطفلة .. نميز وقع اقدامهم الخفيفة على السلم والطرقات بكف اليد الصغيرة التى لا تصل إلى جرس الباب ، هما يترددان على الجيران يوميا ومعهما زجاجة كبيرة فارغة "املي لى دى ماية ساقعة ياطنط" فلا يوجد فى منزلهما ثلاجة ! ليست الثلاجة هى اكبر مشكلات الطفلين ،فالوالد الفقير يضرب الام ، والام الغير متعلمة تضرب الطفلين هذا العنف الاسرى هو فقط مايخرج إلى العلن مع لاصوات واثار الكدمات ، وربما ماخفى كان اشقى .. الفتاة "اروبة" و "عشرية" جدا تعرف عن الاماكن والجيران مالا اعرفه انا رغم انها فى الروضة ، لكن الصغير صامت دائما وان تحدث يتعثر فى النطق ومايثيرنى اكثر انه لا يضحك ! كثيرا ما داعبته "اضحك يازيزو انت مش بتغير ولا ايه" - "لأ مش بغير" - "طب اضحك من غير ماازغزغك" - "لأ" اصاب بخيبة امل تتخطى بكثير فشلى فى مداعبته ، لا ادرى لماذا هذا الطفل يمثل لى المستقبل بصورة او اخرى ، مستقبل مصر .. مستقبلى .. لست ادرى ! لكن لابد ان يضحك ! لا يدوم الامر سوى دقائق ثم ينصرف زيزو واخته فى صمت .. ادير المقعد من جديد نحو الشاشة.. واعود للاشياء الحمقاء المملة لاجد سدة النفس لم تترك اشيائى لحالها، طالت كل شئ إلى درجة تمكنى من التعميم، نفسى مسدودة من الحيــــــــــــاة عن الحيــــــــــاة !

(فى مشكلة غريبة ، التعليقات بتوصلنى على الميل بس مش بتظهر فى البلوج غير بعد ايام او حتى اسبوع، حتى ردودى انا نفس الحكاية .. نأسف لهذه العطل الفنى وربنا يهدى بلوجر علينا، قولوا آمين )